من أنا

صورتي
امدرمان, امدرمان, Sudan
انسان يحترم اختيارات الاخرين فى كل شىء مهما تعارضت مع خياراتى او قناعاتى .لايمانى بحرية الاختيار .

الأربعاء، 26 مايو 2010

عمــــــــــــــــــــــر وانا ,, زكريات غير مرتبه (4)

   امضيت ليلتى بعد ان تركنى عمر , مفكرا فيه , وكانت ليلة طويلة ملئية شجن , فصديقى بقدر مايملك من اسباب السعاده - وهى كثيره لديه - الا انه لم يكن سعيدا ,,, فشفافية مشاعره كانت تعكس احوال نفسه على جدار عينيه , عمر لم يكن يميل للافصاح عن تعاسته , لانه كان يكره الاعتراف باسبابها , وحقيقة الامر انها لم تكن تتعدى سبب واحد , وقد كان هذا السبب باختياره , والذى ندم عليه لاحقا .
          كان عمر وسيما , يلفتك بسمرته , ونعومة بشرته النضره , وقوامه الممتد دون ان يوصف بالطول , حباه الله بتكوين جسدى رائع , كان يعرف كيف يبرزجماله باختياره لانواع الازياء التى تبرز صلابة عضلاته ونتوءها , واستدارة عجزه الذى لايخضع لقسوة نسيج (الجينز) . كان وجهه مضئيا رغم سماره , ويزداد سحره ,اذا افتر تغره عن ابتسامه خجوله . تاسرك لرؤيتك ملامح طفوليه فيها , رغم نضوجه , كان يحب ان يكون حليق الراس دوما , لانه يمل ولا يميل الى الاعتناء بشعره وتمليسه وتصفيفه , وقد كان ذلك يناسب سمرته , وصرخة دماء تنساب بعروق سواعده النافره , التى تعلن عن تهجينها بالعرق الافريقى , فى جيل ما  من الاجيال السابقه لاسلافه , اجمالا كان عمر مميزا بخلطته (الافروعربيه ) واضاف هو صفات كثيره ليكون مطبوع فى وجدان من يلتقيه , فقد كان لماحا وسريع البديهه , مطلعا , يهوى القراءة , يعشق الافلام السينمائيه , ويكره حقا من يقطع عليه استغراقه فى مشاهدة احد الافلام , كانت لديه روح جميله , تسكنها الاحلام , وتتوسدها امنيات بسيطه , لكنها كانت ملئيه بخوف غريب , وكان موسوسا فيما يخص صحته , دائم الارتياد للعيادات الصحيه , ومدمن لاجراء الفحوصات  الطبيه الدوريه , وكنت دوما امازحه بعد كل زياره لاحد المستوصفات الطبية , وانا الوح بنتائج الفحوصات السلبيه امام وجهه , الم يكن من الافضل ان تعطينى ما انفقته على هذه الفحوصات نتيجة لاوهامك , لم يكن عمر يكترث للماديات , فوظيفته جيده , وعائدها المادى يكفيه ويفيض , ولم تكن اسرته فى حاجه اليه ماديا , فوالده مستقر بهذه الدوله منذ عشرات السنين , ووضعه المادى ممتاز , اضافة الى علاقته براشد والتى كانت تدعمه ماديا بطرق كثيره , وان كانت غير مباشرة , وكنت اثورعفوا امامه عندما اتلقى محادثه هاتفيه من اسرتى , وتكون لهم مطالب ماديه , فكان ينظر لى باستغراب , ويقول لى ,,, ياريت لو كل المشاكل مادية , كان عمر رغم بساطته وتواضعه , لايميل الى معرفة الكثيرون , كانت علاقاته محدوده , وعلاقته باسرته جيده وملئيه بالمشاعر , وكانوا كافراد , يعبرون عن حبهم لبعض بصور كثيره  تعجبنى . فكان دائم التواجد بالبيت , او بصحبة راشد , او معى , لم تكن له علاقات بالسودان , عدا بعض الصداقات الدراسيه القديمة , وعدد قليل يحبهم من الاقرباء بسنه , كان يعشق القاهره , ولايمكن ان يكتمل عام دون ان يذهب خلاله فى رحله اليها ,وقد اقنعنى ان التقى باسرتى فى القاهره عوضا عن النزول الى السودان بالاجازه , حتى انه عرض ان يكون ايجار الشقه على حسابه امعانا فى اغرائى بالقبول , ولم يكن الامر يحتاج , فقد كنت احب القاهره , ولكن ليس الى حد الهوس الذى يسكنه بهذه المدينه , كان يهوى ضجيجها , يرتاح للجلوس فى مقاهيها, ومراقبة الحشود البشريه من حوله , وابتسامته لاتفارقه وهو يتابع جدل بين طرفين , ولا احد من الاطراف  يريد الاستسلام , كانت ضحكته تنطلق من الاعماق من  (خناقة ستات ) فى الطريق او على احد الاتوبيسات , كان يحب النزول مبكرا للاسواق -وقد كرهت هذا منه - ومجادلة البائعين فى الاسعار . ويعود ضاحكا وهو يعلم تماما انه ( منصوب عليه ) , كان يقول لى احب فى هذه المدينه المتناقضات , احب فيها اننى اشبع بطنى حد الامتلاء بجنيه , واذا اردت ايضا يمكننى اشباعها  بما يزيد عن راتب احد سكانها , كان يعجبه اسلوب التباين فى حياة القاهره , كان يقول لى ونحن نتجول , هذه المدينه تحادثك , تخبرك تاريخها , شوارعها , مبانيها , كل شىء فيها له حكاية , له جذور , المهم ان تصغى ,  كان يجد متعه فى زيارة اسواقها الشعبيه , او تلك الاسواق التى تقام يوم واحد فى الاسبوع , معه استمتعت حقا بالقاهره , واتعبنى ان اجاريه , لكنى رغبت ان لاتفوتنى لحظة من رفقته , لاننى بالقاهره التقيت بعمر اخر , فقد كان منطلقا , كاسرا لصمته , فاتحا صدره للبوح , مغيبا لتحفظه , بالقاهره حكى لى عمر كيف انه اكتشف مثليته , وكيف واجه الامر , وكيف عاش احساس الحب ,الذى قاده ليتقبل حقيقة انه مثلى .

الثلاثاء، 25 مايو 2010

شــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوق

    عندما يبلغ عندى الشوق المدى اخاطب عيناك
    - الضوء والظل -
                       من الذاكره
                     دبى - 25/5/2010

عمر وانا ,,,, زكريات مبعثره (3)

تحرك عمر بالسيارة وهو يرمى بالتلفون فوق تابلوه السيارة , كانت عصبيته واضحه بالنسبه لى , فقلت متضاحكا , على فكره القانون بهذه الدولة صريح ... ماتفعله هذا يسمى اختطاف ويدينك , لم يتفاعل مع مزاحى , ولم يطلق ضحكته التى اعشقها , فسالته جادا , لا.... صراحة ياعمر اين تذهب بى ؟ وقد كنت اعنى سؤالى , لنزولى بملابس البيت , اعتقادا منى انه سيطلع معى الى الشقه , لم يجيبنى عمر , وقد انعكست عصبيته الذائدة فى قيادته للسياره , التى وجهها نحو شاطىء الجميرا , سالكا طريق الشيخ زايد , زائدا من سرعة السياره , فاصابنى القلق فعليا , فجذبت حزام الامان لربطه , وقد قررت السكوت , فساد صمت يمتلىء ضجيجا فى دواخلنا , ابطاء عمر من سرعة السيارة ولم ينتظر الوصول الى اشارة المرور التى كانت حمراء وانحرف عن الطريق العام سالكا دربا جانبيا قادنا الى حديقة الصفاء , وهناك اوقف سيارته , وانزل زجاج الباب الامامى الذى يجاوره , والتفت الى متسائلا , هل دخانك معك ؟ لا ابدا.... اجبته وانا مندهش فعمر لايدخن , ورفع من مستوى اندهاشى عندما اضاف , احتاج لسيجاره , قال جملته وهو يفتح باب السياره ويغادرها , فلحقت به بعد ان اغلقت زجاج السيارة وانا اساله رافعا صوتى , هل المفتاح بيدك ؟ لم يجيبنى واكتفى بهز مجموعة المفاتيح التى كان ممسكا بها بين اصابعه , لحقت به , وقد توسط فى مسيره على مضمار الركض الذى يلتف حول الحديقه بلونه القرمزى وتخطيطه الابيض لتحديد المسافات متريا , شعرت بليونة المضمار تحت اقدامى واعجبنى احساس الراحه الذى شعرته , وانبت نفسى اننى لا اهتم بالرياضه وممارستها , جاورت عمر فى مسيره وانا التزم الصمت , وبعد فتره من المشى كان التعب بداء يظهر فى تسارع انفاسنا , وكنا قد اكملنا دورة كامله حول الحديقه مشيا عندما اتجه عمر الى السياره وهو يلقى بوزنه عليها , مادا لى بالمفتاح , امسكته منه وفتحت باب السياره وعقلى يعمل فكرا متسائلا ,,, ماذا يشغل عمر ؟  قفز عمر الى داخل السياره وهو يقول لى انت من سيقود ,,, فصرخت ضاحكا , لا ياحبيبى العمر مش بعزقه على راى المصريين , لو انت بائع عمرك  ! انا لا ياحبيبى , وجذبته من يده , ليخرج من السياره قائلا . ناس جبانه لسانها اطول منها على الفاضى . ضحكت وانا ارتمى بمقعد السياره جالسا . مغلقا بابها . وصعد عمر الى المقود وادار المحرك . ملتفتا نحوى . متسائلا . الى اين ؟ فقلت له بالانجليزيه الى البرشاء من فضلك . واطلق كلانا ضحكه عاليه فى الوقت نفسه , وذلك اشعرنى بالراحه النفسيه قليلا , فعمر اخيرا ضحك , وخرج من صمته المريب الغريب , لم تمضى مسافه من انطلاق السياره عائدين نحو مسكنى , حتى ابتداء عمر بالكلام . حبيبى كان بيننا اتفاق ان ارافقك للسودان . فقاطعته محتجا , كان ,,, كان ياعمر ؟ فقال لى انا لا احتاج ان ابرهن عن معزتك عندى ولا عن شوقى الى زيارة السودان . خاصه وانت تعلم حبى لاسرتك و . فقاطعته . ايعنى هذا انك لن . ولم يدعنى اكمل . فقد توقف بالسياره فجاءة . واستدار بجسده نحوى . ناظرا الى عيونى رافعا يده بوجهى طالبا منى الصمت . صديقى انت تعلم معزتك عندى ؟ اجبته وانا اعزك ايضا ياعمر . ماعلاقة هذا بسفرك معى ؟ امسك بيكلتا يديه يدى وهو يقول . لاننى لن ارافقك ياصديقى . ولا اريد ان ارى ضيق يسببه ابلاغى لك بهذا الامر . سحبت يدى من بين كفيه . وبداخلى احباط حقيقى لسيناريو جميل تخيلته وعمر بمعيتى فى السودان . سالته قائلا .. الامر لك ياعمر . ولا اكذب عليك يقلل كثيرا من سعادتى عدم مرافقتك لى . واؤكد لك زعل اسرتى عندما تعرف بعدم قدومك معى .. لكنى اود ان اعرف السبب الذى يمنعك من حضور زفاف اختى وكان بيننا اتفاق . وكان لديك علم منذ وقت طويل حتى لاتتورط فى اى ارتباط . فماذا حدث ؟ وجدتنى الحق السؤال بسؤال ولا اعطى عمر فرصه للرد حتى احسست بضغطة كفه على فخذى . وهو يقول اعلم ياصديقى . واعتزر بشده واريدك ان تعرف اننى لست سعيدا بهذا الخيار ولكنى مجبر . قال ذلك وهو يحول صفحة وجهه الى الناحيه الاخرى منى . وقد احسست بحشرجة صوته فى حروفه الاخيره . وعرفت ان الامر يخص راشد . وصرخت بداخلى ضيقا . اااااااه كم اكره ذلك المتعجرف . مددت يدى ولامست عمر من كتفه رابتا عليها , قائلا , ياسيدى الجايات اكتر من الرايحات زى مابقولوا . ولايهمك . واردفت مازحا لاخرجه من رغبة بكاء فيه احسستها . كده احسن لانى بصراحة لا اتحمل ذنب اصابتك بملاريا وجرستك منها وتقوم تفضحنا هناك ... وختمت وين الصيفيه السنه ؟ التفت نحوى وشبح ابتسامه مرتسم عليه قائلا . انا افضحك ياتافه . فقلت ضاحكا . بتفضحنى ونص , دى خمسه حقن مش حقن واحده واطلقت ضحكه كبيره وبخيالى خوف عمر الغير طبيعى من الابر . وعاد عمر الى قيادة السياره ضاحكا وكارها معرفتى لهذا الخوف عنه , واعدت سؤالى عليه , لم تخبرنى اين ستمضون الصيف ؟  اجابنى باقتضاب . لقد عرفت  من راشد بالاول سنزور المغرب . بس ماعندى فكره عن باقى تفاصيل الرحله . فقلت له راميا بضيقى الشخصى , ساعيا للترويح عنه , ياعينى ياعينى المغرب كبداية , وتقولى السودان , بلا هم بلا غم , امشى واستمتع والسودان قااااااااعد بالمليون ميل مربع بتاعته , وبى كل ناسه ان شاءالله ,,,,,,, انزلنى عمر امام الدار وتلفونه  فى رنين متواصل وهو لايجيب , انه راشد ولا شك , الان انا متاكد من حقيقة مشاعر راشد نحوى , كما انا متاكد من مشاعرى نحوه , يالله كم امقت واكره هذا الراشد .
                 دخلت الى الشقه وانا اركض نحو علبة الدخان , التقطتها من على الطاوله وسحبت سيجارا منها وضعته بفمى , ورحت ابحث عن القداحه , فرن هاتفى الجوال لانتبه اننى تركته بالسكن . مجاورا للقداحه  , فالتقطته وانا اضغط على مفتاح الرد واضعه على اذنى بيدى اليمنى , وبيدى اليسرى اشعل سيجارتى , ساحبا منها فى شهيق شبق انفاس متلاحقه طويله , زافرا دخانها الكثيف ليملاء الفراغ الذى امامى لبرهه , ثم يتحرك نحو الاعلى متبعا تيار الهواء الذى يبثه  مبرد الهواء بالغرفه . كان على الهاتف صديق مشترك بينى وبين عمر , لطيف ومتعلم , ولكنه يهوى تناقل الاخبار , رددت عليه
               _الووو  وليد , مراحب ,, اخبارك ؟
              _ اهلا اهلا ,,, وين انت ؟ مالك مابترد ؟ قلقتنى ؟ انت عارف ده انا بتصل عليك من الساعه كم ؟
              _ هههههههه براحه على ياوليد , واحده واحده هههههه , انا كنت بره وخليت التلفون بالبيت .... خير حبيبى ؟
              _ لا ابدا ,,, عادى ,,,, قلت اسلم عليك واشوفك مالك طولت ماظهرت علينا ولا حتى سؤال بالتلفون ؟
             _ ابدا ياوليد ,,, انت عارف البلد دى والجرى الفيها ,,,, بس اكيد فى البال ياعسل ,,, انت اخبارك شنو ؟
             _ انا كويس تسلم والله ,,,, اسمعنى عاوز اسالك قابلت عمر قريب ؟
             _ عمر ؟ قابلته قريب ,  ليه ماله ؟
             _ بصراحه ,,, سمعت انه امبارح مع راشد كان بينهم مشكله كبيره ,,, لحدى بتاع الكوفى شوب طلب منهم يغادروا  المكان
                من كتر علو صوتهم وانفعالهم فى النقاش
            _  هههههههههههه   انت عارف راشد وغيرته ,,, وعارف عمر وبروده فى الرد على الامور دى ههههه
            _  غايتو الله يهديهم ,,,, اها انا قلت اسلم عليك واشوف اخبارك
            _  تسلم ياوليد ,,, كتر خيرك مابتقصر ,,,, شكرا واشوفك قريب
            _  ليه انت حاتقضى الصيف هنا ؟ ماماشى للسودان ؟ عرس اختك مش قريب ؟
             _   اكيد ياوليد قبل ما امشى السودان لازم اشوفك يلا ولى  تسلم كتير وشكرا ليك
 واسرعت بانهاء المحادثه , لان اسئلته لن تنتهى , وسرحت مفكرا فى عمر , الان انا اعلم اننى كنت سبب خلاف بينه وبين راشد , رغبة عمر فى السفر الى السودان , ورفض راشد للفكره واجبار عمر للسفر معه الى الصيفيه , مسكين صديقى عمر